يلمس المتابع لسياسة تونس منذ الاستقلال ومرورا بالتغيير وجود إرادة سياسية عليا مصرّة على كسب رهان النهوض بالموارد البشرية بدءا بكسب ورقة الشباب في زمن كثرت فيه عالميا مؤشرات الفشل في التعاطي مع قضايا الشباب ومشاغله.. مثلما تعكسه النسب الهائلة للشباب الذي يحاول الانتحار أو يتورط في الجريمة المنظمة..أو ينخرط في سلوكيات تبرر الشذوذ والانحراف والتطرف بأنواعه، فضلا عن ارتفاع نسب الإخفاق في الدراسة وفي الحياة الأسرية.
وما الإجماع الاممي والدولي حول مبادرة رئيس الدولة بجعل سنة 2010 سنة دولية للشباب إلاّ دليل على تقدير إقليمي ودولي لنجاحات المقاربة السياسية الوطنية في مجال التعاطي مع الملفات الشبابية.
وتمثل السنة الدولية للشباب- التي ستتواصل فعالياتها إلى غاية 11 أوت 2011 تحت شعار "الحوار والتفاهم المتبادل"- مناسبة لدعم خيار تونس على تجذير القيم الكونية النبيلة وإشاعة مبادئ المشاركة لدى الأجيال الجديدة وإعلاء قيم التسامح والوسطية واحترام الآخر ونبذ العنف وكافة أنواع التطرف.
والملاحظ في هذا السياق أن استفحال مؤشرات الفشل التربوي والاجتماعي والاقتصادي على المستوى العالمي انعكس خاصة على الشباب، مثلما تكشفه تقارير جل المؤسسات الاممية والدولية التي تتابع منذ مدة بانشغال نزوع تيار من الأجيال الصاعدة إلى "الحلول السهلة" والبحث عن "الربح السريع بكل الوسائل" مما تسبب في سقوط ملايين من شباب العالم في كمائن عصابات الانحراف والجريمة المنظمة والعنف والارهاب والتطرف.
وفي هذا الإطار، يجد المجتمع الدولي نفسه في هذه السنة الدولية للشباب مطالبا بصياغة ميثاق حضاري تشترك من خلاله كل الشعوب والثقافات في إعادة رسم ملامح علاقات مئات الملايين من شباب العالم ببعضه والبناء المشترك لمستقبل الانسانية بما يضمن وضع أسس غد افضل للبشرية جمعاء.
إن فعاليات هذه السنة الدولية للشباب ستؤكد ـ وطنيا وعالميا ـ على قيم الانفتاح وعلى اعتماد الحوار كمنهج أساسي في التعامل مع الشباب وتشريكه في كل القضايا المطروحة وطنيا ودوليا وفي مقدمتها الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة..التي تؤكد كل المعطيات أن تحقيقها عام 2015 بات شبه مستحيل لعدة أسباب من بينها عدم احترام كثير من البلدان الغنية لتعهداتها المالية وكثير من البلدان الفقيرة لالتزاماتها بتحسين التصرف في مواردها البشرية والمالية وفي الموارد التي تصرف إليها من قبل الصناديق والمؤسسات التنموية الاممية والدولية.
فمزيدا من الحوار التلقائي والصادق مع الشباب من مختلف الفئات..ومزيدا من الإصغاء لمشاغله التفهم لحاجياته ومقترحاته لكسب التحديات التي تواجه حاضر البشرية ومستقبلها ضمن عقلية تتطلع إلى البناء وليس إلى الهدم ..إلى دعم قيم التسامح والانفتاح والاعتدال والحوار وليس إلى الانغلاق والتطرف والتعصب.